مخاوفهم ، وحاولوا أن يثيروا هذا الرجل ، ويشحنوه نفسيا ضد ابن أخيه ، على اعتبار أن ابن أخيه قد جاء بما يضر بمصالح ويجرح كرامة وعاطفة عمه نفسه ، فضلا عن غيره ، ولذا ، فإن من الطبيعي أن يبادر أبو طالب نفسه لوضع حد لتصرفات ابن أخيه ، ويكفيهم مؤونة ذلك.
ولكنهم حينما وجدوا : أن أبا طالب لم يستجب لأي من أباطيلهم ، ولم يحرك ساكنا في سبيل وضع حد لمصدر الخطر عليهم وعلى مصالحهم ، لجأوا إلى التهديد والوعيد ، ثم إلى أسلوب المكر والخداع كما في قضية عرض عمارة على أبي طالب ليتخذه ولدا ، ويسلمهم محمدا ليقتلوه ، الأمر الذي كشف عن حقيقة ما يكنونه في صدورهم ، وتشتمل عليه نفوسهم واتضح لأبي طالب ولغيره أن هدفهم ليس إلا القضاء على الدين الحق ، وإطفاء نور الله ، الأمر الذي زاد في تصلب أبي طالب في الدفاع عن الحق والدين ، وعن نبي الإسلام الأعظم «صلى الله عليه وآله».
ب : سر استكبار قريش :
ولعل سر استكبار مشركي مكة ، ومحاولاتهم إطفاء نور الله تعالى يرجع إلى :
١ ـ أنهم كانوا يستغلون أولئك الفقراء ، والعبيد ، والضعفاء في مكة وغيرها في مصالحهم ؛ فجاء الرسول «صلى الله عليه وآله» ، وبث في هؤلاء الفقراء روحا جديدة ، وبدأ يؤكد لهم مفهوم كرامة الإنسان ، وحريته.
ثم هو يناصرهم ، ويعيش قضيتهم وآلامهم ، ويفتح أعينهم على واقعهم ، ويبث فيه تعاليم الإسلام ، وفي مقدمتها وجوب تحررهم من سيطرة وغطرسة أولئك الطغاة المتجبرين.