١٠ ـ وفي رواية : أنه «صلى الله عليه وآله» عاد إلى أهله مسرورا موقنا : أنه قد رأى أمرا عظيما ، فلما دخل على خديجة قال : أريتك الذي كنت حدثتك : أني رأيته في المنام ؛ فإن جبرئيل استعلن إلي ، أرسله إلي ربي عز وجل ، وأخبرها بالذي جاءه من الله ، وما يسمع منه ، فقالت له : أبشر ، فو الله لا يفعل الله بك إلا خيرا ، واقبل الذي جاءك من أمر الله ، فإنه حق ، وأبشر ؛ فإنك رسول الله حقا.
ثم انطلقت إلى عداس النصراني ، غلام عتبة بن ربيعة من أهل نينوى ، فسألته عن جبرئيل ؛ فتعجب من ذكر جبرئيل بتلك الأرض ، ثم أخبرها بأنه أمين الله بينه وبين الأنبياء «عليهم السلام» ، ثم جاءت إلى ورقة إلخ .. (١).
هذا غيض من فيض ، مما قيل ويقال حول ما جرى حين بدء الوحي ، وكيفيته وملابساته ، من روايات ، وأقاويل متضاربة ومتناقضة.
ولننتقل الآن إلى الإشارة إلى بعض ما لنا من مناقشات في تلك الأراجيف المتقدمة ، متوخين الإيجاز والاختصار مهما أمكن فنقول :
مناقشة روايات بدء الوحي :
إننا في مجال بيان ما في تلك الروايات من خلل وخطل ، لا نستطيع أن نستوعب كل ما فيها من نقاط ضعف ؛ لأن استيعاب ذلك ـ كما يبدو ـ يحتاج إلى وقت طويل ، بل إلى مؤلف مستقل .. ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله ، لأننا نريد أن نسهم بدورنا في الذب عن مقام النبوة الأقدس ،
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ١٣.