الثالثة : عرضوا على أبي طالب : أن يتخذ عمارة بن الوليد ولدا له ، ويسلمهم النبي «صلى الله عليه وآله» ، الذي فارق دين أبي طالب ودين آبائه ، وفرق جماعتهم وسفه أحلامهم ليقتلوه ، فإنما هو رجل برجل.
فقال أبو طالب : والله ، لبئس ما تسومونني أتعطونني ابنكم أغذوه لكم ، وأعطيكم ابني تقتلونه ، هذا والله ما لا يكون أبدا.
فقال المطعم بن عدي : والله يا أبا طالب ، لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما تكرهه ؛ فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا.
فقال أبو طالب : والله ما أنصفوني ، ولكنك قد أجمعت على خذلاني ، ومظاهرة القوم علي ؛ فاصنع ما بدا لك ..
أو كما قال : فحقب الأمر ، وحميت الحرب ، وتنابذ القوم ، وبادى بعضهم بعضا (١).
وربما تكون هذه المراحل متداخلة ، أو مترتبة ، فإن ما ذكرناه لا يعدو عن أن يكون فهما منا للسير الطبيعي للأحداث ـ لا أكثر ولا أقل ـ وقبل المضي في الحديث ؛ نسجل النقاط التالية :
أ ـ قريش لم تصل إلى نتيجة :
لقد رأينا : أن مشركي مكة ما كانوا يرغبون بادئ ذي بدء في توريط أنفسهم في مواجهة أبي طالب والهاشميين ؛ فحاولوا أن يحملوا أبا طالب نفسه على حسم الموقف ، والقضاء على ما يعتبرونه مادة متاعبهم ، ومصدر
__________________
(١) راجع : سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٨٢ ـ ٢٨٦ ، والبدء والتاريخ ج ٤ ص ١٤٧ و ١٤٩ وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٦٥ ـ ٦٨.