قبل الرسول الأكرم «صلوات الله عليه وآله» هو الحركة السليمة والطبيعية في خط الجهاد والدعوة إلى الله سبحانه ، وما يوم الدار ، وما جرى من تنصيب علي «عليه السلام» فيه خليفة ووزيرا ووصيا للرسول إلا واحدا من تلك المناسبات الكثيرة التي جرى فيها التأكيد على هذا الأمر ، وترسيخه بصورة قوية وحاسمة.
فإلى حديث الدار فيما يلي من مطالب.
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ :
إنه بعد السنوات الثلاث الأولى ، بدأت مرحلة جديدة وخطيرة وصعبة ، هي مرحلة الدعوة العلنية إلى الله تعالى.
وقد بدأت أولا على نطاق ضيق نسبيا ، حيث نزل عليه «صلى الله عليه وآله» قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)(١) فيقول المؤرخون ، (والنص للطبري) ما ملخصه : إنه لما نزلت هذه الآية دعا عليا «عليه السلام» ؛ فأمره أن يصنع طعاما ، ويدعو له بني عبد المطلب ليكلمهم ، ويبلغهم ما أمر به.
فصنع علي «عليه السلام» صاعا من طعام ، وجعل عليه رجل شاة ، وملأ عسا من لبن ، ثم دعاهم ، وهم يومئذ أربعون رجلا ، يزيدون رجلا ، أو ينقصونه ، فيهم أعمام النبي «صلى الله عليه وآله» : أبو طالب ، وحمزة والعباس ، وأبو لهب ؛ فأكلوا.
قال علي «عليه السلام» : فأكل القوم ، حتى ما لهم بشيء من حاجة ، وما
__________________
(١) الآية ٢١٤ من سورة الشعراء.