وخامسا : نحن بحاجة إلى إجابات على الأسئلة التالية : لماذا يترك أبو بكر يبني مسجدا في بني جمح؟.
وكيف لم يعترض الجمحيون على هذا التحدي؟.
ولماذا لم يدرك التيميون صفات أبي بكر النبيلة تلك ، ويدعونه يخرج ، ثم يدركها ابن الدغنة؟!
ولماذا لم تلاحظ قريش تلك الصفات النبيلة التي أقرت بها ، وتركته يخرج؟! بل ولماذا عذبته أشد العذاب مع علمها بما ذكره ابن الدغنة عنه؟!!.
فضيلة عثمان بن مظعون تجعل لغيره :
والذي نظنه قويا هو أنهم أرادوا : أن يجعلوا له فضيلة سبق إليها عثمان بن مظعون ؛ فإنه كما يذكره المؤرخون : لما رجع من الحبشة مع من رجع ، بعد شهرين من الهجرة ، وفوجئ بأن الأمر بين المشركين والنبي «صلى الله عليه وآله» لا يزال على حاله ، دخل مكة بجوار الوليد بن المغيرة.
ولكنه لما رأى ما فيه المسلمون من البلاء ، وهو يغدو ويروح في أمان ، صعب عليه ذلك ، فمشى إلى الوليد فرد عليه جواره ؛ فقال : يا بن أخي ، لعله آذاك أحد من قومي؟
قال : لا ، ولكني أرضى بجوار الله عز وجل ، ولا أريد أن أستجير بغيره.
قال : فانطلق إلى المسجد ، فاردد علي جواري علانية ، كما أجرتك علانية ، فانصرف معه ، ورد عليه جواره علانية في المسجد (١).
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ٩٢ ، وقد ذكرت هذه القضية في مختلف المصادر التاريخية فلا حاجة إلى تعدادها.