فاصدع بما تؤمر :
وبعد أن أنذر «صلى الله عليه وآله» عشيرته الأقربين ، وبعد أن انتشر أمر نبوّته «صلى الله عليه وآله» في مكة ، بدأت قريش تتعرض لشخص النبي «صلى الله عليه وآله» بالاستهزاء والسخرية ، وأنواع التهم ، كما يظهر ؛ إذ أنهم قد عرفوا جدية القضية ، وأدركوا أبعادها.
فبادروا إلى تلك الأساليب بهدف الحط منه «صلى الله عليه وآله» أمام الرأي العام ، وابتذال شخصيته ، على الرغم من أنه «صلى الله عليه وآله» كان يتبع سبيل الحكمة والهدوء ، حين يطلع بعض الناس على دعوته وما جاء به ، كل ذلك حسدا وبغيا منهم ، وتخوفا من المستقبل ، ليس إلا.
وكان لذلك الاستهزاء تأثير على إقبال الناس على الدخول في الإسلام ؛ فاغتم النبي «صلى الله عليه وآله» لذلك جدا ، واعتبر ذلك عائقا في سبيل انتشار دعوته ، وأداء مهمته.
فأنزل الله عليه قرآنا ، يأمره بإظهار الدعوة ، والطلب من كل أحد ، حتى من جبابرة قريش ، ومن جميع القبائل والفئات : أن تسلم لربها ، مشفوعا ذلك بوعد أكيد ، بأن الله سوف يكفيه المستهزئين ؛ فيجب أن لا يهتم لهم ، وأن يتجاهلهم ، وذلك حين نزل قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ