وملاحظة أخرى :
وهي أننا رأينا عمر بن الخطاب يضرب فخذ أبي موسى حتى كاد يكسرها ، لاتخاذه كاتبا نصرانيا ، مع أنهم يقولون : إنه هو نفسه كان له مملوك نصراني لم يسلم ، وكان يعرض عليه الإسلام فيأبى ، حتى حضرته الوفاة فأعتقه (١) فما هذا التناقض في مواقف الخليفة الثاني؟! وما هو المبرر لها إلا أن يكون اعتراضه على أبي موسى منصبا على استعانته بغير المسلم في شؤون المسلمين العامة ، وهذا غير خدمة غير المسلم للمسلم.
٤ ـ هل عز الإسلام بعمر حقا؟!
وتذكر الروايات : أن الإسلام قد عز بعمر وأنه «صلى الله عليه وآله» قد دعا الله أن يعز الإسلام به ، بل لقد ذهبت بعض الروايات إلى اعتبار عمر من الجبارين في الجاهلية ، حيث إنه حين أشار على أبي بكر أن يتألف الناس ويرفق بهم ، قال له أبو بكر : «رجوت نصرك ، وجئتني بهذا لأنك جبار في الجاهلية ، خوار في الإسلام الخ ..» (٢).
ونحن نشك في صحة ذلك بل نجزم بعدم صحته ، وذلك للأمور التالية :
__________________
(١) حلية الأولياء ج ٩ ص ٣٤ ، عن كنز العمال ج ٥ ص ٥٠ عن ابن سعد ، وسعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم ، والطبقات الكبرى ج ٦ ص ١٠٩ والتراتيب الإدارية ج ١ ص ١٠٢ ونظام الحكم في الشريعة والتاريخ والحياة الدستورية ص ٥٨ عن تاريخ عمر لابن الجوزي ص ٨٧ و ١٤٨.
(٢) كنز العمال ج ٦ ص ٢٩٥.