أ ـ إن الإسلام إذا لم يعز بأبي طالب شيخ الأبطح ، وبحمزة أسد الله وأسد رسوله ، الذي فعل برأس الشرك أبي جهل ما فعل ، وإذا لم يعز بسائر بني هاشم أصحاب العز والشرف والنجدة ، فلا يمكن أن يعز بعمر الذي كان عسيفا «أي مملوكا مستهانا به» (١) مع الوليد بن المغيرة إلى الشام (٢).
لا سيما وأنه لم يكن في قبيلته سيد أصلا (٣) ، ولم تؤثر عنه في طول حياته مع النبي «صلى الله عليه وآله» أية مواقف شجاعة ، وحاسمة ، بل لم نجد له أية مبارزة ، أو عمل جريء في أي من غزواته ، رغم كثرتها وتعددها.
بل لقد رأيناه يفر في غير موضع ، كأحد ، وحنين وخيبر حسبما صرح به الجم الغفير من أهل السير ، ورواة الأثر ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ومن الطريف هنا : ما رواه الزمخشري ، من أن أنس بن مدركة كان قد أغار على سرح قريش في الجاهلية ؛ فذهب به ، فقال له عمر في خلافته : لقد اتبعناك تلك الليلة ؛ فلو أدركناك؟.
فقال : لو أدركتني لم تكن للناس خليفة (٤).
والخلاصة : أنه لا يمكن أن يعز الإسلام بعمر ، الذي لم يكن له عز في نفسه ، ولا بعشيرته ، ولا شجاعة يخاف منها.
ب ـ إننا سواء قلنا : إن عمر قد أسلم قبل الحصر في الشعب أو بعده ،
__________________
(١) راجع : أقرب الموارد ، مادة : «عسف».
(٢) المنمق ، لابن حبيب ط الهند ص ١٤٦ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ١٨٣.
(٣) المنمق ص ١٤٧.
(٤) ربيع الأبرار ج ١ ص ٧٠٧.