وغيرهم ، وهو ما استقر عليه أمر الدعوة وحكم الجهاد (١).
المرحلة السرية :
ولكننا لا نوافق على استعمال مصطلح «الفترة السرية» هنا إذ إن الظاهر هو أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن حينما بعث مأمورا بدعوة عموم الناس كما قدمنا ، ولكنه كان يعرض هذا الدين بصورة طوعية وعفوية ، وبدون أن يوجه الأنظار إلى ذلك ، فكان هناك أفراد يسلمون تباعا.
وقد كان هذا الأسلوب في تلك الفترة ضروريا من أجل الحفاظ على مستقبل الدعوة ، حتى لا تتعرض لعمل مسلح يقضي عليها في مهدها ، حيث لا بد من إيجاد ثلة من المؤمنين ، ومن مختلف القبائل يحملون هذه العقيدة ويدافعون عنها ، حتى لا يبقى مجال لتصفيتهم السريعة والحاسمة من قبل أعدائهم الأشرار.
كما أنه «صلى الله عليه وآله» أراد أن لا تهدر الطاقات ، وتذهب الجهود سدى ، وينتهي الأمر إلى تمزق ، وتوزع في الثلة المؤمنة ، ثم إلى ضياع مدمر.
وأيضا ؛ فقد كانت هذه الفترة بمثابة إعداد نفسي ، وتربية عقيدية وروحية لتلك الصفوة المؤمنة بربها ، وبرسالة نبيه الأكرم «صلى الله عليه وآله» ، تمكنهم من الصمود في وجه التحديات التي تنتظرهم.
وإذا كان «صلى الله عليه وآله» يريد : أن يقود عملية تغيير شاملة ، فلا بد له من إتاحة الفرصة لتهيئة وإعداد القوى التي تستطيع أن تحقق هدفا
__________________
(١) فقه السيرة للبوطي ص ٩١.