فأسكته خالد» (١).
٥ ـ غسل عمر لمس الصحيفة :
وإشكال آخر يبقى بلا جواب ، وهو أنه كيف طلبت أخته منه : أن يغتسل لمس الصحيفة ، مع أن غسل المشرك لا يجدي في جواز مس القرآن ؛ فإن المانع هو شركه ، لا حدثه؟! ولذلك قالت له : «إنك نجس على شركك ، وإنه (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ»)(٢) ، ودعوى أن المراد هو غسل الجنابة مدفوعة أيضا ، فإنهم يقولون : إن أهل الجاهلية كانوا يغتسلون من الجنابة (٣) فكيف تقول له أخته : إنك لا تغتسل من الجنابة؟
إلا أن يكون هو نفسه لم يكن يلتزم بما كان يلتزم به قومه في الجاهلية.
ومما يدل على أنهم كانوا يغتسلون من الجنابة ، أن أبا سفيان قد نذر أو حلف بعد رجوعه من بدر مهزوما : أن لا يمس رأسه ماء من جنابة ، حتى يغزو محمدا ، وكانت غزوة السويق لأجل أن يكفر عن يمينه ، (٤) كما سنرى.
__________________
(١) الخصال ج ٢ ص ٤٦٣.
(٢) الثقات ج ١ ص ٧٤ ، وراجع مصادر الرواية المتقدمة ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٦٣.
(٣) السيرة الحلبية ج ١ ص ٣٢٩ عن الدميري ، والسهيلي وذكر الدميري : أنه بقية من دين إبراهيم وإسماعيل قال : وفي كلام بعضهم : كانوا في الجاهلية يغتسلون من الجنابة ، ويغسلون موتاهم ، ويكفنونهم ، ويصلون عليهم إلخ.
(٤) البداية والنهاية ج ٣ ص ٣٤٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٥٤٠ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤١٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢١١ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٣٩ والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش الحلبية) ج ٢ ص ٥ والبحار ج ٢٠ ص ٢ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ١٧٥.