ولذلك قدم الأول على الثاني في أكثر الآيات القرآنية.
ومن هنا ، فقد قال «صلى الله عليه وآله» لمعاذ بن جبل ، حين أرسله إلى اليمن : «يسّر ولا تعسّر ، وبشّر ولا تنفّر» ، فهو هنا لم يستبعد الإنذار ، بل هو جزء من خطته ، وإنما اهتم بجانب التبشير إذ يمكن بواسطته إدراك مزايا الإسلام وخصائصه الرائعة ، وليكون إسلامهم من ثم عن قناعة حقيقية ، وقبول تام.
وأما قوله «صلى الله عليه وآله» : ولا تنفّر ، فهو واضح المأخذ ، فإن روح هذا الإنسان شفافة جدا ، وتبادر إلى ردة الفعل بسرعة ، ومن هنا فإننا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» يأمر بالعبادة ما دامت النفس مقبلة ، ولا يقبل بالضغط عليها ، وتحميلها ما لا تطيق ، ولهذا شواهد كثيرة في الشريعة السهلة السمحاء (١).
ومما تقدم نستطيع أن ندرك : لماذا اشتملت دعوته «صلى الله عليه وآله» لعشيرته على التبشير أيضا ؛ بأن من يؤازره سوف يكون خليفة بعده ، وأنه قد جاءهم بخير الدنيا والآخرة ، تماما كما بدأت بالإنذار ، فإن ذلك ينسجم مع ما تشتاق إليه نفوسهم ، ويتلاءم مع رغباتهم ، ويأتي من قبل من لا يمكن اتهامه لديهم بأي وجه.
ي ـ أخي ووصيي :
ويلفت نظرنا هنا قوله «صلى الله عليه وآله» : على أن يكون أخي إلخ ..
__________________
(١) راجع : جريدة جمهوري إسلامي الفارسية رقم ٢٥٤ سنة ١٣٥٩ ه. ش في مقالات للمطهري رحمه الله تعالى.