عمروا وعمارة ، بدليل قول النجاشي لهما «فو الله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد عليّ ملكي ، ولا أطاع الناس فيّ ، فأطيع الناس فيه ، ردوا عليهم هداياهم ؛ فلا حاجة لي بها ، واخرجا من بلادي ، فخرجا مقبوحين» (١).
وقد كانت هذه الفترة التي أعقبت هجرة المسلمين إلى الحبشة قد تميزت بهدوء نسبي ، ولعله استمر إلى عودة عمرو بن العاص من الحبشة إلى مكة بالخيبة والخسران.
عودة بعض المهاجرين :
وتسربت أنباء الهدنة القصيرة والعفوية غير المعلنة التي حصلت في مكة إلى مسامع المسلمين في الحبشة.
ورأى المسلمون ما جرى للنجاشي بسببهم ، فارتأى فريق منهم العودة إلى مكة ، بعد شهرين ، أو ثلاثة أشهر ، وعاد منهم أكثر من ثلاثين رجلا ، ودخل عثمان بن مظعون بجوار الوليد بن المغيرة ، وكان ما كان من رده جواره ، ورضاه بجوار الله تعالى ، حسبما تقدم.
نعم ، هذا هو السر في رجوع بعض المهاجرين من الحبشة ، وليس ما ذكره أعداء الإسلام من قصة الغرانيق التي لا شك في كذبها كما سنرى.
قصة الغرانيق :
وملخص هذه القضية المكذوبة : أنه بعد أن هاجر المسلمون إلى الحبشة بحوالى شهرين ؛ جلس رسول الله «صلى الله عليه وآله» مع المشركين ، فأنزل
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ٧٥ عن ابن إسحاق ، وسيرة ابن هشام ج ١ ص ٣٦٢.