د ـ علي عليه السّلام في يوم الإنذار :
ونجد في يوم الإنذار : أن اختيار النبي «صلى الله عليه وآله» يقع على أمير المؤمنين «عليه السلام» ، ليكون المضيف لجماعة يناهز عددها الأربعين رجلا ، فيأمره بأن يصنع طعاما ، ويدعوهم إليه.
والظاهر : أن ذلك قد كان في بيت النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه ، لأن عليا «عليه السلام» كان عند رسول الله «صلوات الله عليه وآله» في بيته على ما يظهر ، وقد كان بإمكانه «صلى الله عليه وآله» أن يطلب من خديجة أن تصنع لهم الطعام ، هذا ، مع وجود آخرين ، أكثر وجاهة ومعروفية من علي «عليه السلام» ، كأبي طالب ، وكجعفر ، الذي كان يكبر عليا في العمر ، وغيرهما ممن يمكن أن يستفيد من نفوذه وشخصيته في التأثير على الحاضرين ، ولكنه قد اختار عليا بالذات ليتفادى أي إحراج يبعد القضية عن مجالها الطبيعي ، الذي يرتكز على القناعة الفكرية والوجدانية بالدرجة الأولى ـ ولأن عليا وإن كان حينئذ صغير السن ، إلا أنه كان في الواقع كبيرا في عقله ، وفي فضائله وملكاته ، كبيرا في روحه ونفسه ، كبيرا في آماله وأهدافه ، ولا أدل على ذلك من كونه هو المجيب للرسول ، دون كل من حضر ، ليؤازره ويعاونه على هذا الأمر.
وقد رآه النبي «صلى الله عليه وآله» منذئذ أهلا لأن يكون أخاه ، ووصيه ، وخليفته من بعده ، وهي الدرجة التي قصرت همم الرجال عن أن تنالها ، بل وحتى عن أن يدخل في وهمها : أن تصل ولو في يوم ما إليها ، وتحصل عليها.
ولكن عليا كان منذ نعومة أظفاره هو السباق إليها دون كل أحد ؛ لأنه