«عليه السلام» والهاشميين ، باستثناء أبي لهب لعنه الله ، فأرسلت إلى النجاشي ممثلين عنها لاسترداد المهاجرين ، فرجعا إليها بالفشل الذريع والخيبة القاتلة ، فأفقدها ذلك صوابها وأصبحت تتصرف بدون وعي ، ولا تدبر ، فعدّت من جديد على من تبقى من المسلمين بالعذاب والتنكيل.
وجعلت تتعرض للنبي «صلى الله عليه وآله» بالسخرية ، والاستهزاء ، والاتهام بالجنون والسحر ، والكهانة ، وبأنواع مختلفة من الحرب النفسية والأذى.
الثورة على النجاشي :
وكان وجود المسلمين في الحبشة ، قد تسبب للنجاشي ببعض المتاعب ؛ حيث اتهمه أهل بلاده بأنه خرج من دينهم فثاروا عليه.
ولكنه استطاع أن يخمد الثورة بحسن إدراكه ووعيه ، واستمر المسلمون عنده في خير منزل ، وخير جار ، حتى رجعوا إلى المدينة ، بعد هجرة النبي «صلى الله عليه وآله» إليها كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
فيروي محمد بن إسحاق ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : اجتمعت الحبشة ، فقالوا للنجاشي : إنك فارقت ديننا ، وخرجوا عليه ، فأرسل إلى جعفر وأصحابه ، فهيأ لهم سفنا ، وقال : اركبوا فيها وكونوا كما أنتم ؛ فإن هزمت ؛ فاذهبوا حتى تلحقوا بحيث شئتم ، وإن ظفرت فاثبتوا ، ثم خرج إليهم فجادلهم في الأمر ، فانصرفوا عنه (١) وكان ذلك قبل إيفاد قريش
__________________
(١) تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ١٣٦ السيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٣٦٥ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٧٧ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠٢ و (ط دار المعرفة) ص ٤٦٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٢٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٢ ص ٣٩٢.