(وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)(١). وأما المرتان الأخيرتان فهما تتوقفان على اعتبار بني إسرائيل بما حصل ، ثم اختيارهم أحد الأمرين.
فلأجل إبراز عنصر الاختيار هذا والتشكيك بصدوره منهم ، عبر ب «إن» : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ ..) لأنها تستعمل في مقام الترديد والشك في صدور الإحسان منهم.
ضرب القاعدة ، وإعطاء الضابطة :
ثم إنه بالنسبة للإفساد الثاني قد اختار التعبير ب «إذا» كما استعمل نفس هذه الكلمة بالنسبة لإفسادهم الأول ، وذلك لإفادة أن اختيارهم لطريق الشر أمر حتمي ، ولا شك فيه لما يعلمه الله فيهم من خصائص ، وطموحات.
ولكن جواب الشرط قد جاء بصيغة المضارع لإفادة حصول سوء الوجوه لهم والتتبير لعلو قوم آخرين بصورة تدريجية ، ليكون ذلك أدعى في الإذلال ، وأدل على المساءة ، ولكن هذا المضارع إنما هو بملاحظة زمان تحقق الشرط في المستقبل.
ويلاحظ هنا : كثرة المؤكدات على صدور ذلك منهم ؛ فلاحظ قوله تعالى : (قَضَيْنا) المشير إلى حتمية ذلك لكن لا على سبيل الجبر ، وإنما على سبيل الإخبار بما هو حتمي الوقوع بحسب ما يعلمه الله من أحوالهم ، ثم عبر بكلمة : (فِي الْكِتابِ*) المفيدة إلى نوع التأكيد أيضا.
ثم أتى بلام الابتداء في أكثر من مورد ، فقال : (لَتُفْسِدُنَ وَلَتَعْلُنَ).
__________________
(١) الآية ٥ من سورة الإسراء.