وفد من الحبشة :
وقدم على النبي الأعظم الأكرم «صلى الله عليه وآله» أول وفد من خارج مكة ، وبالذات من الحبشة ، ومن النصارى ، وقيل : من نجران ، وكان يتألف ـ على قول ابن إسحاق وغيره ـ من عشرين رجلا ، وقيل غير ذلك ، وكان على رأس الوفد جعفر بن أبي طالب «رحمه الله» (١).
فوجدوا النبي «صلى الله عليه وآله» في المسجد الحرام ؛ فكلموه ، وسألوه ، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة ، وبعد دعوة الرسول «صلى الله عليه وآله» لهم إلى الإسلام آمنوا وصدقوا ، فلما قاموا ، اعترضهم أبو جهل ، وعنفهم على إسلامهم ، وتركهم دينهم ؛ فقالوا : سلام عليكم ، لا نجاهلكم ، لنا ما نحن عليه ، ولكم ما أنتم عليه ، لم نأل أنفسنا خيرا ؛ فأنزل الله تعالى :
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) ، إلى قوله تعالى : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ)(٢).
وكانت هذه ـ بطبيعة الحال ـ ضربة قاسية لقريش وكبريائها ، وخططها
__________________
(١) كذا قال البوطي في فقه السيرة ص ١٢٦ ومجمع البيان ج ٧ ص ٢٥٨ ويفهم منه أنهم قدموا مع جعفر حين قدومه نهائيا عام خيبر.
(٢) الآية في سورة القصص من آية ٥٢ حتى آية ٥٥ ، وراجع الحديث في سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣٢ ، وتفسير ابن كثير ، والقرطبي ، والنيسابوري في تفسير الآيات ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٨٢.