٣ ـ بل إننا نستطيع أن نستفيد من دعوته إلى الإسلام وهو صبي امتيازا له خاصا ، يؤهله لأن يكون هو الوصي له «صلى الله عليه وآله» ، أو ليس قد تكلم عيسى في المهد صبيا ، ويحيى أيضا قد أوتي الحكم صبيا كما نص عليه القرآن؟
٤ ـ وأيضا ، لو كان الأمر كما ذكروه ؛ فلا يبقى معنى لقول النبي «صلى الله عليه وآله» عنه : إنه أول من أسلم ، أو : أولكم إسلاما ؛ فإن معنى ذلك هو أن أوليته بالنسبة إلى النساء والرجال والعبيد والأحرار على حد سواء.
٥ ـ وأخيرا ، فإن هذا الورع المصطنع لم يوجد إلا عند هؤلاء المتأخرين ، ولم نجد أحدا واجه احتجاج أمير المؤمنين والصحابة والتابعين بحجة من هذا القبيل ، ولعله لم يكن لديهم ورع يبلغ ورع هؤلاء الغيارى على أبي بكر وعلى فضائله!!.
هدف الورعين (!!!) من الجمع بين الروايات.
ونستطيع أن نرجح : أن هدف أولئك الورعين من هذا الجمع بين الروايات هو إظهار :
أن إسلام غير علي «عليه السلام» كان أفضل من إسلامه ، لأن إسلام غيره كان عن تدبر وتعقل ، ونظر وتبصر ، أما أمير المؤمنين «عليه السلام» ، فقد كان إسلامه عن طيش وتقليد ، كما هو شأن الصبيان كما ذكره الجاحظ (١).
ولا نريد أن نفيض في الرد على هذه المزعمة ، فإن إسلام علي «عليه السلام» كان عن تدبر وتعقل ، وعن تفكير وتأمل وقد أسلم استنادا إلى
__________________
(١) راجع : العثمانية ص ٦ و ٧.