في الدنيا والآخرة على حد سواء.
وأما أموال خديجة ؛ فلم تكن تعطى كرشوة على الإسلام ، ولا كانت تنفق على المؤلفة قلوبهم.
وإنما كانت تسد رمق ذلك المسلم ، الذي يعاني أعظم المشاق والآلام ، في سبيل إسلامه وعقيدته ، هذا المسلم الذي لم تتورع قريش عن محاربته بكل ما تملكه من أسلحة لا إنسانية ولا أخلاقية ، حتى بالفقر والجوع.
فكانت تلك الأموال تسد رمق من يتعرض للأخطار الكبيرة ، وتخدم الإسلام عن هذا الطريق.
وهذا معنى قولهم : إن الإسلام قام بأموال خديجة.
وملاحظة لا بد منها ، وهي أن أموال خديجة التي أنفقت في المقاطعة ، كانت في غالبها من النوع الذي يمكن الانتفاع به في سد رمق الجائع ، وكسوة العاري ، وأما ما سواه ؛ فلربما لم يتعرض لذلك ؛ بسبب عدم القدرة على البيع والشراء في غالب الأحيان.
ونشير أخيرا ، إلى أن مكة مهما عظمت الثروة فيها ، فإنها لا تخرج عن كونها محدودة الإمكانات ، تبعا لموقعها ، وحجمها ؛ لأنها لم تكن مدينة كبيرة جدا ، بل كانت بلدا كبيرا بالنسبة إلى القرية ، ولذا جاء التعبير عنها في القرآن ب «أم القرى» وثروة في بلد كهذا تبقى دائما محدودة ، تبعا لمحدوديته ، وقدراته ، وإمكاناته.
حكيم بن حزام وعواطفه تجاه المسلمين :
قد تقدم أنهم يذكرون حكيم بن حزام في جملة من كان يرسل الطعام