وبعد هذا ، فلا يصغى لقول النواصب والحاقدين ، الذين يهتمون في طمس فضائله «عليه السلام» بكل وسيلة ، ولو عن طريق الدجل والتزوير ، ومنهم ابن كثير ، الذي قال : «وقد ورد في أنه أول من أسلم أحاديث كثيرة ، لا يصح منها شيء» (١).
لا يا بن كثير : لقد تجنيت على الحقيقة وعلى التاريخ كل التجني ، ولم تستطع أن تكتم ما يعتلج في صدرك من إحن ، فجرّك ذلك إلى المكابرة ، وإلى إنكار ما يكاد يلحق بالضروريات.
فإن الروايات الصحيحة والصريحة الدالة على هذا الأمر كثيرة وكثيرة جدا ، كما يعلم بالمراجعة (٢).
القول بأن خديجة أول من أسلم :
ونجد في مقابل ذلك قولا آخر مفاده : أن خديجة كانت هي السباقة إلى الإسلام وأنها أول مخلوق آمن به ، بل لقد ادعى البعض الإجماع على هذا القول (٣).
ولكنه قول مردود ، لأن العديد من الروايات عن النبي «صلى الله عليه
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٧ ص ٣٣٥.
(٢) راجع الغدير ج ٣ وإحقاق الحق ، قسم الملحقات ، وغير ذلك.
(٣) راجع : السيرة الحلبية ج ١ ص ٢٦٧ ، وفي تهذيب الأسماء واللغات ج ٢ ص ١٨٢ نقل عن الثعلبي الاتفاق عليه ، وقال ابن الأثير : إنها أول خلق الله إسلاما بإجماع المسلمين. راجع السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٩٠ وإسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص ١٤٨ والأوائل للطبراني ص ٨٠.