٦ ـ إن إفسادهم في منطقة محدودة لا يعني كون ذلك هو المقصود من الآية التي تتحدث عن إفساد كبير ، وعلو لهم في الأرض ، ولا شك أنهم كانوا على مدى التاريخ أضعف من أن يكون لهم علو في الأرض كلها ، بل وحتى على سابور ، أو بخت نصّر أو غيرهما ، فضلا عن أن يكون لهم علو فرعون ، أو نظير استكبار قوم عاد.
رأي آخر في الآيات :
ويحتمل البعض : أن الفساد الأول كان في منطقة الحجاز ، فبعث الله النبي «صلى الله عليه وآله» عليهم ، وضربهم الضربة القاصمة ، وكان دخول عمر إلى المسجد الأقصى ، الذي يمثل دخول المسلمين ، هو المعني في الآيات ، وتبقى المرة الثانية ستأتي. كما ويحتمل أن تكون هي ضربة بخت نصّر لهم هي الأولى ، والثانية هي ضربة عمر لهم.
ولكن ذلك لا يمكن قبوله ؛ لأن عمر حينما دخل المسجد الأقصى لم يكن في بيت المقدس أحد من اليهود ، وإنما كان تحت سيطرة النصارى ، الذين استولوا عليه قبل ذلك بعقود من الزمن ، وكانوا يجعلون الأقذار والأوساخ على «الصخرة» ، التي هي قبلة اليهود ، بل كانت المرأة ترسل بخرقة حيضها من بلاد الروم إلى بيت المقدس لتلقى على الصخرة ، مبالغة في امتهانها ، وإذلالا لليهود واحتقارا لهم (١).
كما أنه لا معنى لإرادة بخت نصّر ؛ ليكون هو بطل المرة الأولى ، وذلك لما أشرنا إليه في النقاط الست الآنفة الذكر.
__________________
(١) تقدم ذلك في تمهيد الكتاب.