وأيضا ، إذا كان بعض ضعفاء المسلمين قد ارتدوا حين أخبرهم النبي «صلى الله عليه وآله» ببعض ذلك (١) ، الذي هو من جملة المعجزات القاطعة ، والبراهين الساطعة.
نعم ، إذا كان ذلك كله ، فكيف تكون الحال إذا أخبرهم بما هو أكثر غرابة وبعدا عن أذهانهم ، وهو رحلته إلى السماوات العلى ، وما شاهد فيها من عجائب الصنع ، وبديع الخلق؟!.
ولهذا ، فإننا نرجح : أنه «صلى الله عليه وآله» قد تدرج في إخبارهم بذلك كله ، بحسب ما تقتضيه المصلحة ، ومتطلبات الدعوة إلى الله تعالى.
الداعية الحكيم :
ولعل مما تقدم يظهر : أنه إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» إنما جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ومن الضلالة إلى الهدى ، فإن من الطبيعي أن يهتم في الحفاظ على الركيزة الإيمانية التي يحصل عليها ، وأن لا يدخلها في أجواء ليس لها القدرة على استيعابها ولا على مواجهة أخطار الانحراف فيها.
ومن الواضح : أنه إذا أخبرهم بقضية المعراج ، مع عدم قدرتهم على التحمل والتفاعل معها ولا على تصورها ، فإنهم إذا ارتدوا حينئذ
__________________
(١) المصنف لعبد الرزاق ج ٥ ص ٣٢٨ ، وتفسير ابن كثير ج ٣ ص ٢١ ، وأخرجه أبو نعيم ، ومنتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج ٤ ص ٣٥٣ وحياة الصحابة ج ٣ ص ٧٣ عن بعض من تقدم ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٠٨ و ٣١٥ ، والمواهب اللدنية ج ٢ ص ٤٠.