استبعاد الإسراء والمعراج :
وبعد ، فلا بد لنا من الإشارة هنا : إلى أن استبعاد الإسراء والمعراج ؛ بدعوى عدم إمكان تصور أن تقطع تلك المسافات الشاسعة ، التي تعد بآلاف الأميال في ليلة واحدة ذهابا وإيابا ـ هذا الاستبعاد ـ في غير محله.
فقد حضر عرش بلقيس لدى سليمان من اليمن إلى بلاد الشام في أقل من لمح البصر ، وكان عفريت من الجن قد تكفل بأن يأتيه به قبل أن يقوم من مقامه.
وأما بالنسبة لنا اليوم فقد أصبح التصديق بالإسراء والمعراج أكثر سهولة ، والإقناع به أقرب منالا ، ولا سيما بعد أن تمكن هذا الإنسان العاجز المحدود من أن يصنع ما يمكنه من قطع ١٣ كيلومترا في ثانية واحدة ، ولربما يتضاعف ذلك عدة مرات في المستقبل ، كما أنه قد اكتشف أن سرعة النور هي حوالي ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية (١) ، بل يعتقد بعض العلماء : أن الموجات غير المرئية للجاذبية تستطيع أن تقطع العالم بلحظة واحدة من دون حاجة إلى الزمان ..
وبعد كل هذا فإنه إذا كان قطع المسافات البعيدة بهذه السرعة المذهلة ليس مستحيلا على هذا الإنسان المحدود ، الذي بقي الأعوام الطوال يفكر ويستعد ، ويجمع الخبرات والإمكانات ، فهل يستحيل على خالق الإنسان والكون ، ومبدعه أن يسري بعبده الذي اصطفاه رسولا للبشرية جمعاء ، ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وإلى ملكوت السموات ، ثم يعيده إلى مكانه الأول؟!.
__________________
(١) راجع حول سرعة النور : موسوعة المعارف والعلوم ص ١٠.