كان صادقا أقلعتم عن ظلمنا ، وإن يكن كاذبا ندفعه إليكم فقتلتموه.
فصاح الناس : أنصفتنا يا أبا طالب ، ففتحت ، ثم أخرجت ، فإذا هي كما قال «صلى الله عليه وآله» : فكبر المسلمون ، وامتقعت وجوه المشركين.
فقال أبو طالب : أتبين لكم : أينا أولى بالسحر والكهانة؟. فأسلم يومئذ عالم من الناس.
ولكن المشركين لم يقنعوا بذلك ، بل استمروا على العمل بمضمون الصحيفة ، حتى قام جماعة منهم بالعمل على نقضها ، ويذكرون منهم : هشام بن عمرو بن ربيعة ، وزهير بن أمية بن المغيرة ، والمطعم بن عدي ، وأبا البختري بن هشام ، وزمعة بن الأسود ، وكلهم له رحم ببني هاشم والمطلب ، وتكلموا في نقضها ؛ فعارضهم أبو جهل فلم يلتفتوا إلى معارضته ، ومزقت الصحيفة ، وبطل مفعولها. وخرج الهاشميون حينئذ من شعب أبي طالب رضوان الله تعالى عليه (١).
حنكة أبي طالب ، وإيمانه :
إن المطالع لأحداث ما قبل الهجرة النبوية الشريفة ليجد عشرات الشواهد الدالة على حنكة أبي طالب «عليه السلام».
وخير شاهد نسوقه الآن على ذلك ، هو ما ذكرناه آنفا ، حيث رأيناه
__________________
(١) راجع فيما تقدم : السيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٤٤ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ١٦ ودلائل النبوة ط دار الكتب ج ٢ ص ٣١٢ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٨٨ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ١٣٧ و ١٣٨ ط دار المعرفة وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٣١ والبداية والنهاية ج ٣ ص ٨٥ و ٨٦.