رأي آخر :
وثمة رأي أخر يقول : إن الفساد الأول هو إنكارهم نبوة نبينا «صلى الله عليه وآله» ، مع أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، واتفقوا مع المشركين ضده.
وإرسال عباد الله على هؤلاء المفسدين هو ما جرى في صدر الإسلام ، فأرسل الله النبي «صلى الله عليه وآله» والمسلمين عليهم ؛ فضربوهم في خيبر وقريظة ؛ وقينقاع ، وغير ذلك ، وجاسوا خلال ديارهم ، ثم دخل المسلمون المسجد الأقصى في زمن عمر.
والفساد الثاني هو ما جرى ويجري منهم في فلسطين ولبنان ، والمنطقة بشكل عام ، في هذا القرن الرابع عشر ، ولسوف يأتي المهدي «عجل الله فرجه الشريف» لينتقم منهم ، ويدخل المسلمون المسجد ، كما دخلوه أول مرة في عهد عمر.
وقد قرر بعض الأعلام هذا ، وطبق الآيات عليه ، على النحو التالي :
إنه ليس في الآيات ما يدل على أن الغلبة على اليهود ، وغلبة اليهود على أولئك العباد تكون في مكان واحد محدد ، وقوله تعالى : (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يشعر ، بل يدل على أن قوله : (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) ، هو غير دخولهم المسجد ، أي إنهما أمران متغايران ، كما يدل على أن الجوس خلال الديار متقدم على دخولهم المسجد ، وذلك لمكان اللام في قوله : (وَلِيَدْخُلُوا) التي هي لام العاقبة وقد تحقق ذلك في زمن عمر ، كما أن عدم ذكر دخول العباد بيت المقدس حينما بعثهم أولا يدل على أن دخول المسجد لمّا يتحقق لهم عند ذلك.