النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة (١).
وكان أبو ذر يتأله في الجاهلية ، ويقول : «لا إله إلا الله» ، ولا يعبد الأصنام ، ويقال : إنه صلى قبل مبعث النبي «صلى الله عليه وآله» عدة سنوات (٢).
ما يستفاد من حديث إسلام أبي ذر :
أولا : إن عدم عبادة أبي ذر للأصنام ، ليس إلا من أجل منافرتها لحكم العقل ، وللفطرة السليمة ، حين لا تطغى على الإنسان أي من العوامل الخارجية التي تجعل على قلبه وبصره غشاوة.
ويلاحظ : أن القرآن ما زاد في مقاومته لعبادة الأصنام ، والتوجيه إلى الله تعالى على أن نبه العقل ، وأثاره ، وأرشد إلى ما تقتضيه الفطرة السليمة في هذا المجال ، وكل من يستعرض الآيات القرآنية يرى كيف أن القرآن يهتم في الإرجاع إلى الفطرة ، وحكم العقل ، ويعتبر أن لهما وحدهما الحق في الحكم في هذا المجال.
ثانيا : إن أسلوب علي «عليه السلام» في المحافظة على عنصر السرية ، حتى لا يلتفت المشركون إلى طبيعة تحركاته وأهدافه ، وأسلوبه في إيصاله أبا ذر إلى الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» ـ رغم أنه لا يزال فتى يافعا ـ إن دلّ على شيء ؛ فإنما يدلّ على دراية وروية ، وتبصر وتدبر بالأمور ، مما
__________________
(١) طبقات ابن سعد ج ٤ قسم ١ ص ١٦٣ ، وراجع تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ١٠٠.
(٢) طبقات ابن سعد ج ٤ ق ١ ص ١٦٣. ولا بأس بمراجعة ما كتبناه حول أبي ذر في مقال لنا في كتاب : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام. وحلية الأولياء ج ١ ص ١٥٧.