إسلام حمزة كان عن وعي لا حمية :
والظاهر ، بل الصريح من كلام حمزة «رحمه الله» ، ولا سيما قوله الأخير : «وما يمنعني ، وقد استبان لي منه : أنه رسول الله ، والذي يقول حق» أنه لم يكن في إسلامه منطلقا من عاطفته التي أثيرت وحسب ، وإنما سبقت ذلك قناعة كاملة ، كوّنها مما شاهده عن قرب من مواقف وسلوك ، وسمعه من أقوال النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله».
وقد يستفاد من قوله : أتشتمه وأنا على دينه؟! أن إسلامه كان متقدما على ذلك الوقت ، ولكنه كان يتكتم به مراعاة للظروف ، وحفاظا على الإسلام والمسلمين ، الذين كانوا أضعف من أن يتمكنوا من مواجهة قريش وجبروتها.
ولربما كان بعضهم بحاجة إلى المزيد من التربية النفسية الخاصة ، ليتمكن من مواجهة تلك الظروف القاسية مع المشركين.
سر جبن أبي جهل في مواجهة حمزة :
ولا بد من التذكير هنا : بأن أبا جهل ، عظيم المشركين وجبارهم مع أنه كان بين أهله وعشيرته ، ومع أن عشيرته قد أعلنت عن استعدادها لنصرته ، فإنه كان أجبن وأذل من أن يقف في وجه أسد الله وأسد رسوله ، وما ذلك إلا لأنه كان من جهة :
يعلم فتوة حمزة وعزته ، وشدة شكيمته وبطولته ، ورأى مدى تصميمه وإصراره ، وعرف مقدار استعداده للتضحية والفداء في سبيل دينه ، وعقيدته.
ومن الجهة الأخرى : فإن أبا جهل إنما كان يحارب النبي «صلى الله عليه وآله» ويناقضه ، حبا بالحياة ، ومن أجل الدنيا ، فهو إذا لا يريد الموت