إطلاقا ، بل هو يهرب منه ، ويعده خسارة له ، ما بعدها خسارة.
أما حمزة «رحمه الله» ، فكان يعتبر الموت في سبيل هذا الدين نصرا وفوزا ، تماما بالمقدار الذي يعتبره أبو جهل ، ومن هم على شاكلته خسرانا وضياعا فلماذا إذا يخشى الموت ويخافه؟
بل لماذا لا يكون الموت عنده أحلى من العسل ، وألذ من الشهد؟.
ومن جهة ثالثة : فإن أبا جهل لم يكن على استعداد لأن يحارب بني هاشم في تلك الفترة ، التي كان له فيها أنصار كثيرون فيهم ، لأن حربه لهم لسوف تؤدي إلى أن يخسر هؤلاء الذين يلتقي معهم فكريا وعقيديا ، لأنهم بحكم المنطق القبلي الذي يهيمن على مواقفهم وتصرفاتهم لن يتركوا ابن أخيهم ، حتى ولو كان على غير دينهم ، وقد وعدوا أبا طالب باستثناء أبي لهب أن يمنعوا محمدا ممن يريد به سوء كما تقدم.
بل إن تحرك أبي جهل في ظروف كهذه لربما يؤدي إلى ترسيخ أمر محمد ، وإلى دخول الكثيرين من بني هاشم في دينه ، حمية وانتصارا.
وهذا ما لا يريده أبو جهل ، ولا يرغب فيه.
إذا ، فقد كانت جميع الظروف تدفعه إلى الاستسلام للذل والهوان في مقابل أسد الله وأسد رسوله.
والخلاصة :
أن حب أبي جهل للحياة ، وجبنه ، ثم ما كان يراه من الصلاح في عدم التصعيد في مناهضة محمد وبني هاشم ، قد جعله في موقف الذليل المهان ، وجعل الله كلمة الباطل هي السفلى ، وكلمة الحق هي العليا.