المراد بالخمسين هو خصوص من أسلم بعد الإعلان بالدعوة ، أو بعد الهجرة إلى الحبشة.
وهكذا يتضح : أن القول بأن أبا بكر هو أول من أسلم لا يمكن إلا أن يكون من القول الجزاف ، والدعوى الفارغة ، ومن المختلقات التي افتعلت في وقت متأخر.
طريق جمع فاشل :
وقال البعض : الأورع أن يقال : أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر ، ومن الصبيان علي ، ومن النساء خديجة ، ومن الموالي زيد بن حارثة ، ومن العبيد بلال (١).
وهو كلام فارغ ، بعد أن ثبتت أولية علي «عليه السلام» على كل أحد.
وقولهم : إنه أول من أسلم من الصبيان عجيب ، وذلك لما يلي :
١ ـ إنه قد جاء عنه «عليه السلام» ، وعن غيره القول : بأنه أول رجل أسلم (٢) ، مما يعني أنه كان حينئذ رجلا بالغا.
وقد قلنا : إنه قد أسلم وعمره عشر سنوات أو اثنتا عشرة سنة.
ومن الواضح : أن الرجولية والبلوغ لا ينحصر بالسن ، فإن عمرو بن
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ١ ص ٢٧٥ ، والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٩٠ ونزهة المجالس ج ٢ ص ١٤٧ والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٧ و ٢٦ و ٢٩.
(٢) وفي سيرة ابن إسحاق ص ١٣٨ : أول الرجال إسلاما ، وفي مصادر أخرى : أول أصحابي إسلاما : راجع السيرة الحلبية ج ١ ص ٢٦٨.