وقال الطبرسي : «إن الله لا يوحي إلى رسوله إلا بالبراهين النيرة ، والآيات البينة ، الدالة على أن ما يوحى إليه إنما هو من الله تعالى ؛ فلا يحتاج إلى شيء سواها ، ولا يفزع ، ولا يفرق» (١).
وقال عياض : «لا يصح أن يتصور له الشيطان في صورة الملك ، ويلبّس عليه الأمر ، لا في أول الرسالة ولا بعدها ، والاعتماد في ذلك على دليل المعجزة ، بل لا يشك النبي أن ما يأتيه من الله هو الملك ، ورسوله الحقيقي ، إما بعلم ضروري يخلقه الله له ، أو ببرهان جلي يظهره الله لديه ؛ لتتم كلمة ربك صدقا وعدلا ، لا مبدل لكلمات الله» (٢).
لماذا الكذب والإفتعال إذن؟!
وبعد كل ما تقدم ؛ فإننا نرى أن افتعال تلك الأكاذيب يعود لأسباب ، أهمها :
١ ـ أن حديث الوحي هو من أهم الأمور التي يعتمد عليها الاعتقاد بحقائق الدين وتعاليمه ، وله أهمية قصوى في إقناع الإنسان بضرورة الاعتماد في التشريع ، والسلوك ، والاعتقاد ، والإخبارات الغيبية ، وكل المعارف والمفاهيم عن الكون ، وعن الحياة ، على الرسل والأنبياء ، والأئمة والأوصياء «عليهم السلام» ، وله أهمية كبرى في إقناعه بعصمة ذلك الرسول ، وصحة كل مواقفه وسلوكه ، وأقواله وأفعاله.
فإذا أمكن أن يتطرق الشك في نفسه إلى الوحي ، على اعتبار أنه إذا لم
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٨٤ ، والتمهيد ج ١ ص ٥٠ عنه.
(٢) التمهيد ج ١ ص ٥٠ عن رسالة الشفاء ص ١١٢.