يطلب منهم أن يحضروا صحيفتهم ، ويمزج ذلك بالتعريض بإمكان أن يكون ثمة صلح في ما بينهم وبينه.
وما ذلك إلا من أجل أن لا تفتح الصحيفة إلا علنا ، يراها كل أحد ، وأيضا حتى يهيئهم للمفاجأة الكبرى ، ويمهد السبيل أمام طرح الخيار المنطقي عليهم ، ليسهل عليهم تقبله ، ثم الالتزام به ، ولا سيما إذا استطاع أن ينتزع منهم وعدا بما يريد ، ويضعهم أمام شرف الكلمة ، وعلى محك قواعد النبل واحترام الذات ، حسب المعايير التي كانوا يتعاملون على أساسها ..
وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد ، حتى ليصيح الناس : أنصفتنا يا أبا طالب.
ثم تبرز لنا من النصوص المتقدمة حقيقة أخرى ، لها أهميتها وانعكاساتها ، وهي تدل على مدى ثقة أبي طالب بصدق النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ، وبسداد أمره ، وواقعية ما جاء به ، حتى قال : إن ابن أخي حدثني ولم يكذبني قط ..
وكان يتألم جدا من اتهام ابن أخيه بالسحر والكهانة ، ويعتبر ذلك افتراء ظاهرا ، ويغتنم الفرصة السانحة للتعبير عن خطل رأيهم ، وسفه أحلامهم ، فيقول لهم : «أتبين لكم : أينا أولى بالسحر والكهانة»؟!
وكانت النتيجة : أن أسلم بسبب هذه المعجزة يومئذ عالم من الناس.
القبلية وآثارها :
وقد لاحظنا فيما سبق : أن القبلية قد ساعدت إلى حد ما في منع الكثير من الأحداث التي تؤثر مستقبليا على الدعوة ونجاحها.