فمن يتهدده الناس بالقتل ، ويخاف ، ويختبئ في داره ، فإنه لا يكون عزيزا ولا يعز الإسلام به ، غير أنه هو نفسه قد ارتفع بالإسلام ، وصار له شخصية وشأن ، كما سنرى.
هذا عدا عن الروايات القائلة : إن أبا جهل هو الذي أجار عمر (١).
وعلى هذا فقد كان الأجدر : أن يدعو النبي «صلى الله عليه وآله» بأن يعز الإسلام بمن يجير عمر ، والذي يعجب الناس من عزته ، لا بعمر الخائف ، والمختبئ في بيته.
د ـ والغريب هنا : أن أحد الرجلين اللذين دعا لهما النبي «صلى الله عليه وآله» وهو أبو جهل يضربه حمزة رضوان الله عليه بقوسه أمام الملأ من قومه ، فيشجه شجة منكرة ، ولا يجرؤ على الكلام ، ثم يقتل في بدر في أول وقعة بين المسلمين والمشركين.
والرجل الآخر وهو عمر بن الخطاب يكون على خلاف توقعات النبي «صلى الله عليه وآله» ولا يستجيب الله دعاءه فيه ، حيث لم يعز الإسلام به ، كما رأينا.
مع أن النبي «صلى الله عليه وآله» يقول : «ما سألت ـ ربي ـ الله ـ شيئا
__________________
ص ٤٠٩ ، وتاريخ عمر لابن الجوزي ص ٢٦ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ٣٣٢ ، والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ١٣٥ ، وسيرة ابن هشام ج ١ ص ٣٧٤ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٨٢ وراجع : دلائل النبوة للبيهقي ط دار النصر ج ٢ ص ٩.
(١) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص ٢٤ ـ ٢٥ وراجع كشف الأستار ج ٣ ص ١٧١ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٦٤ وذكر : أن خاله هو الذي أجاره وقال ابن إسحاق المراد بخاله : أبو جهل ، ولم يرتض ذلك ابن الجوزي ، فراجع.