قول عمر لحفصة ـ عندما تظاهرت على النبي «صلى الله عليه وآله» مع عائشة واعتزلهن ـ : والله ، لقد علمت أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يحبك ، ولو لا أنا لطلقك رسول الله «صلى الله عليه وآله» (١).
هذا ، ولم يكن ثمة من يستطيع الجهر بالحقيقة ، وإظهار الواقع ، لأن الجهاز الحاكم كله كان يمسك بركاب عائشة ، ويعلي قدرها ، ويرفع من شأنها ؛ لأنه كان يستفيد منها أعظم الفوائد ، وأسناها.
وكان ثمة خطة مرسومة لإظهار عظيم منزلتها ، وإغداق الأوسمة عليها بثمن ، أو بغير ثمن!!
وكانت هي تستغل موقعها كزوجة للنبي «صلى الله عليه وآله» ، وكأم للمؤمنين إلى أقصى الدرجات ، كما أنها كانت تستفيد من حاجة الهيئة الحاكمة إليها ، وكل ذلك يفسر لنا السر في أنها كانت توحي للناس بانها أقرب زوجات النبي «صلى الله عليه وآله» إليه ، وآثرهن لديه ؛ لجمالها ، ولكونه «صلى الله عليه وآله» قد تزوجها بكرا حسب دعواها.
وكأن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يهتم للبكارة وللجمال (مع نقاش لنا في ذلك).
ولا ندري ما هو السر في تواضع أم المؤمنين إلى هذا الحد؟ حتى إنها لم تر في نفسها المؤهلات لأن تعتز بالدين ، وبالمعاني الإنسانية النبيلة أو لعلها كانت ترى أن النبي «صلى الله عليه وآله» لا ينطلق في حبه وبغضه من
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٤ ص ١٨٩. ولسوف يأتي مزيد توضيح لذلك في البحث عن سبب كثرة زوجاته قبل واقعة أحد في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.