الله عليه وآله» إلى المدينة ؛ فكيف صلى مصعب الجمعة قبل تشريعها؟
والجواب : أننا لو سلمنا أن المراد بجمع ، صلى الجمعة.
إذ من المحتمل : أن يكون المراد صلى جماعة ـ لو سلمنا ذلك ـ فإن قوله تعالى في سورة الجمعة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) ليس المقصود به تشريع إقامة الجمعة ، وإنما هو يوجب السعي إلى الجمعة التي تقام ، فلعل وجوب إقامتها كان قبل ذلك قد جاء على لسانه «صلى الله عليه وآله» في مكة ، ولكن لم يكن يمكن إقامتها ، أو كان يقيمها سرا ولم يصل ذلك إلينا.
ويؤيد ذلك قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ)(١) ؛ فإن ذلك يشير إلى أن الجمعة كانت قد شرعت قبل ذلك ، وأن هذا كان سلوكهم معه «صلى الله عليه وآله».
ويؤيد ذلك : ما أخرجه الدارقطني ، عن ابن عباس ، قال : أذن النبي «صلى الله عليه وآله» الجمعة قبل أن يهاجر ، ولم يستطع أن يجمع بمكة ؛ فكتب إلى مصعب بن عمير : أما بعد ، فانظر اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور ، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم ، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة ، فتقربوا إلى الله بركعتين.
قال : فهو أول من جمع ، حتى قدم النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة ،
__________________
(١) الآية ١١ من سورة الجمعة.