وجعلها علاقة إلهية تصل إلى درجة الأخوة ؛ ليكون أثرها في التعامل بين المسلمين أكثر طبيعية ، وانسجاما ، وبعيدا عن النوازع النفسية التي ربما توحي للمعين والمعان بأمور من شأنها أن تعقد العلاقات بينهما نفسيا على الأقل.
وقد رأينا : أن البعض يتوهم ترتب التوارث على هذه المؤاخاة دون الرحم ، وذلك يدل على عمق تأثير هذا الحدث في المسلمين ؛ في روحياتهم وفي علاقاتهم على حد سواء.
وعلى كل حال ، فلقد آخى الرسول «صلى الله عليه وآله» قبل الهجرة فيما بين المهاجرين ، على الحق والمواساة ؛ فآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين حمزة وزيد بن حارثة ، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف ، وبين الزبير وابن مسعود وبين عبادة بن الحارث وبلال ، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص ، وبين أبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ، وبين سعيد بن زيد وطلحة ، وبين علي «عليه السلام» ونفسه «صلى الله عليه وآله» ، وقال : أما ترضى أن أكون أخاك؟.
قال : بلى يا رسول الله رضيت.
قال : فأنت أخي في الدنيا والآخرة (١).
وسيأتي إن شاء الله في الجزء الرابع من هذا الكتاب : أن النبي «صلى الله
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ١٥٥ عن الإستيعاب.
وراجع ايضا : تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٥٣ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٤ وتلخيصه للذهبي.