ثالثا : لقد أشرنا فيما سبق إلى أنه لم يجرؤ على أن يأخذ رسالة النبي «صلى الله عليه وآله» للمكيين في عام الحديبية ، بحجة : أن بني عدي لا ينصرونه إن أوذي!!
فمن كانت هذه فعاله في تلك المواقع الصعبة هل يحتاج إلى بني عدي ، أو إلى غيرهم؟!.
رابعا : قال أبو سفيان في فتح مكة للعباس ، حينما كانا يستعرضان الألوية ، فمر عمر وله زجل : «يا أبا الفضل ، من هذا المتكلم؟! قال : عمر بن الخطاب.
قال : لقد أمر أمر بني عدي بعد ـ والله ـ قلة وذلة.
فقال العباس : يا أبا سفيان إن الله يرفع من يشاء بما يشاء ، وإن عمر ممن رفعه الإسلام (١).
خامسا : إنهم متفقون على أن الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» كان أشجع البشر دون استثناء ، بل سيأتي أن بعضهم يحاول ادعاء أشجعية أبي بكر على سائر الصحابة ـ وإن كان سيأتي أن العكس هو الصحيح ـ ونحن نرى في حديث الهجرة أن النبي «صلى الله عليه وآله» يختفي في الغار ، حذرا من المشركين ، كما أن أبا بكر يخاف ويبكي ، رغم كونه مع النبي الأعظم ، الذي يتولى الله رعايته وحمايته ، وظهرت له آنئذ الكثير من المعجزات الدالة على ذلك.
__________________
(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٢١ وعن كنز العمال ج ٥ ص ٢٩٥ عن ابن عساكر من طريق الواقدي.