ومنها : أنه جعل صاحبا للنبي «صلى الله عليه وآله» ، والصحبة في هذا المقام العظيم منزلة عظمى.
ومنها : أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال له : (إِنَّ اللهَ مَعَنا) أي أنه معهما بلحاظ نصرته ورعايته ، ومن كان شريكا للنبي «صلى الله عليه وآله» في نصرة الله له ، كان من أعظم الناس.
ومنها : قوله تعالى : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) فإن السكينة قد أنزلت على أبي بكر ؛ لأنه هو المحتاج إليها ، لما تداخله من الحزن ، دون النبي «صلى الله عليه وآله» : لأنه عالم بأنه محروس من الله سبحانه وتعالى (١).
ولكن ذلك كله لا يصح ، وذلك لما يلي :
١ ـ إن عائشة تقول : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن ، غير أن الله أنزل عذري (٢) وحتى عذرها هذا قد ثبت أنه لا يمكن أن يكون قد نزل فيها ، كما أثبتناه في كتابنا حديث الإفك.
٢ ـ أما كونه ثاني اثنين ، فليس فيه إلا الإخبار عن العدد ، وهو لا يدل على الفضل ، إذ قد يكون الثاني صبيا ، أو جاهلا ، أو مؤمنا ، أو فاسقا الخ ..
والفضيلة في القرآن منحصرة بالتقوى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ)(٣) ، لا بالثانوية.
__________________
(١) راجع : دلائل الصدق ج ٢ ص ٤٠٤ و ٤٠٥.
(٢) صحيح البخاري ط سنة ١٣٠٩ ج ٣ ص ١٢١ ، وتفسير ابن كثير ج ٤ ص ١٥٩ ، وفتح القدير ج ٤ ص ٢١ ، والدر المنثور ج ٦ ص ٤١ وراجع الغدير ج ٨ ص ٢٤٧.
(٣) الآية ١٣ من سورة الحجرات.