خوفا من أن يلحق به أذى من قبل قريش فإنه يحتاج في هذه الحال إلى التطمين ، الذي أكد له أن الله تعالى عارف بحاله وبمطالبه الشخصية ، وهو مع الرسول «صلى الله عليه وآله» في مكان واحد ، ويحتاج حفظ الرسول إلى حفظ من يكون معه ، لأن التدخل الإلهي فيما يرتبط بإبعاد المشركين عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» بإيجاد الشجرة ، ونسج العنكبوت إنما يسير من ناحية المشركين ، وفقا للسنن الطبيعية ، ولا يمكن وفقا لهذه السنن أن يفسح المجال للمشركين لرؤية أبي بكر إلا إذا رأوا رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى جانبه.
وفي هذا تفريط بالرسول وإفساد للخطة الإلهية ، فظهر أن حفظ الرسول يستلزم حفظ من اجتمع معه في المكان أيضا.
لأن إفساح المجال للمشركين لرؤية أبي بكر سوف يمكنهم من رؤية الرسول «صلى الله عليه وآله» إلا إذا طمس على أعينهم بتدخل إلهي مباشر وفي هذا ظلم لهم لما فيه من سلب لاختيارهم.
وأخيرا .. فإننا نذكر القارئ بالفرق بين من يحزن خوفا على نفسه ، وبين من يضحي بنفسه من أجل نجاة رسول الله «صلى الله عليه وآله» ولا يسأل عما سوف يصيبه إذا كتب الله لنبيه النجاة .. حتى استحق أن يباهي الله به ملائكته وأن ينزل فيه آية قرآنية تبين كيف باع نفسه لله ، وهو قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ)(١).
وقد قيل : إن أبا بكر قال : يا رسول الله ، إن حزني على أخيك علي بن أبي
__________________
(١) الآية ٢٠٧ من سورة البقرة.