وبينها فاهوى جناح بسيفه ، فراغ علي «عليه السلام» عن ضربته ، وتختله علي «عليه السلام» فضربه على عاتقه ، فأسرع السيف مضيا فيه ، حتى مس كاثبة فرسه ، وشد عليهم بسيفه ، وهو يقول :
خلوا سبيل الجاهد المجاهد |
|
آليت لا أعبد غير الواحد |
فتصدع القوم عنه وقالوا : أغن عنا نفسك يا ابن أبي طالب.
قال : فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله بيثرب ، فمن سره أن أفري لحمه ، وأهريق دمه ، فليتبعني ، أو فليدن مني ، ثم أقبل على صاحبيه ، فقال لهما : أطلقا مطاياكما.
ثم سار ظاهرا حتى نزل بضجنان ، فتلوم بها قدر يومه وليلته ، ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين ، وفيهم أم أيمن مولاة الرسول «صلى الله عليه وآله» فعبدوا الله تلك الليلة قياما وقعودا وعلى جنوبهم حتى طلع الفجر ، فصلى بهم علي «عليه السلام» صلاة الفجر ثم سار بهم ، فجعلوا يصنعون ذلك في كل منزل ، حتى قدم المدينة ، وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم.
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً ..)
إلى قوله : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ..)(١).
ولما بلغ النبي «صلى الله عليه وآله» قدومه «عليه السلام» ، قال : ادعوا
__________________
(١) الآيات ١٩١ ـ ١٩٥ من سورة آل عمران.