النبي «صلى الله عليه وآله» كان يعرض دعوته على مختلف القبائل التي كانت تقدم مكة ، طيلة سنوات عديدة وقد سار ذكره في الآفاق ، وبايعه من أهل المدينة أكثر من ثمانين ورآه حوالي خمسمئة من أهل المدينة قدموا مكة ، قبل ثلاثة أشهر فقط كما تقدم.
فكيف يكون أبو بكر يعرف ، والنبي «صلى الله عليه وآله» لا يعرف؟! (١).
ومن جهة أخرى : فلم يكن أحد يهتم بسفر أبي بكر أو يحس به ولا يجد أي من الناس دافعا للتعرف عليه.
هذا كله ، عدا عن أن أبا بكر قد فارق الرسول «صلى الله عليه وآله» حينما وصلا إلى قباء ، ولم يبق معه إلى حين دخول المدينة.
وأما ما ذكر أخيرا : من أن من لم ير النبي «صلى الله عليه وآله» كان يجيء أبا بكر زاعما أنه هو فهو ينافي قولهم : إن النبي «صلى الله عليه وآله» كان شابا لا يعرف وأبو بكر شيخ يعرف.
ثانيا : لقد كان الناس من أهل المدينة ينتظرون قدومه «صلى الله عليه وآله» بفارغ الصبر ، وقد استقبله منهم حين قدومه حوالي خمسمئة راكب (٢) بظهر الحرة وكان النساء والصبيان والشبان وغيرهم يهزجون ـ كما قيل ـ :
طلع البدر علينا |
|
من ثنيات الوداع |
__________________
(١) راجع : الندير ج ٧ ص ٢٥٨.
(٢) الثقات لابن حبان ج ١ ص ١٣١ ، ودلائل النبوة ج ٢ ص ٢٣٣ ، ووفاء الوفاء ج ١ ص ٢٥٥ ، عن التاريخ الصغير للبخاري ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٥٢ ، والسيرة النبوية لدحلان هامش الحلبية ج ١ ص ٣٢٥ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٢٦.