ثم إنه لو كانت لابن سلام كل تلك العظمة التي أشارت إليها روايات إسلامه وغيرها ، فلماذا لم نسمع عنه في تلك السنين الطويلة منذ الهجرة ، وإلى سنة ثمان أي قول أو رأي ، أو موقف!! مع أن التاريخ قد ذكر لنا كثيرا من مواقف صغار الصحابة ممن أسلم عام الفتح ، بل وحتى الذين لم يروا النبي «صلى الله عليه وآله» إلا في طفولتهم ، فكيف سكت عن هذا الرجل الخطير!! برأيهم؟!.
أما تضعيف العسقلاني لقيس بن الربيع ، فهو في غير محله ، فإنه هو نفسه قد نقل توثيقه من قبل : عفان بن قيس ، والثوري ، وشعبة ، وأبي الوليد ، وابن عدي ، وأثنى عليه يعقوب وعثمان ابنا أبي شيبة ، وأبو حاتم ، وشريك ، وابن حبان ، والعجلي ، وأبو حصين ، ويحيى بن سعيد ، ومعاذ بن معاذ ، وابن عيينة ، وأبو نعيم وغيرهم (١).
ولكن سر الطعن عليه من العسقلاني ، أو من غيره ، هو ما أشار إليه أحمد ، حيث قال : «كان يتشيع ، ويخطئ في الحديث» (٢).
رغم أنهم يذكرون : أن عامة رواياته مستقيمة (٣) والذي يذكر هذا الطعن عليه بالتشيع هو أحمد بن حنبل ، وليس ذلك غريبا عنه ، فإنه عاش في زمن المتوكل الناصبي ، الذي فعل بابن السكيت ما فعل ، حيث أمر بأن يسل لسانه من قفاه ، ففعل به ذلك فمات ، لأنه لم يرض بتفضيل ولديه على
__________________
(١) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٩٢ ـ ٣٩٥.
(٢) تهذيب التهذيب ج ٢ ص ٣٩٤.
(٣) تهذيب التهذيب ترجمة قيس ج ٨.