وهذا يدل : على أن سورة الأنعام قد نزلت بعد وفاة أبي طالب «عليه السلام» بمدة ، فما معنى قولهم : إنها نزلت حين وفاة أبي طالب «عليه السلام» أعني السنة العاشرة من البعثة؟!
بل إن البعض قد ذكر : أن سورة القصص هي من آخر ما نزل من القرآن في المدينة (ولعله استند في ذلك إلى بعض ما ورد في شأن نزول بعض آياتها) فإذا تم هذا ، فإن نزولها في أبي طالب «عليه السلام» يصبح غير مقبول أيضا ، لأن أبا طالب «عليه السلام» مات في عنفوان الإسلام ، والنبي «صلى الله عليه وآله» في مكة (١).
رابعا : إنهم يقولون : إن سورة الأنعام قد نزلت دفعة واحدة وكانت أسماء بنت يزيد الأنصارية ممسكة بزمام ناقته «صلى الله عليه وآله» (٢) وذلك إنما كان بعد بيعة العقبة ، التي كانت بعد وفاة أبي طالب «عليه السلام» ، بمدة طويلة.
__________________
(١) راجع : البحار ج ٣٥ ص ١٥٢.
(٢) الدر المنثور ج ٣ ص ٢ عن الطبراني ، وابن مردويه.
وقد ذكر في الدر المنثور ج ٣ ص ٢ و ٣ نزولها جملة واحدة في مكة ، أو باستثناء آية أو آيتين ليست الآية المذكورة واحدة منها ، وقد قال : إن ذلك رواه عشرات الحفاظ ، مثل البيهقي في شعب الإيمان ، والخطيب في تاريخه ، وأبي الشيخ ، وابن المنذر ، والنحاس في ناسخه ، وعبد الرزاق ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وإسحق بن راهويه ، والكلبي ، وأبي عبيد ، والطبراني ، وابن الضريس ، وابن مردويه ، والسلفي في الطيورات ، والإسماعيلي ، والحاكم وصححه ، وراجع : الإتقان ج ١ ص ٣٧ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٢٦٠.