ولكننا نشير فقط إلى ما يلي :
أولا : إن آية النهي عن الاستغفار للمشرك قد وردت في سورة التوبة ، ولا ريب في كونها من أواخر ما نزل عليه «صلى الله عليه وآله» في المدينة ، بل لقد ادّعى البعض أنها آخر ما نزل (١).
ولا يعقل أن تكون هذه الآية قد بقيت أكثر من عشر سنوات معلقة في الهواء ، والقرآن ينزل ، حتى إذا نزلت سورة التوبة ، أضيفت إليها ، لأن الآيات التي كانت تلحق بالسور ـ لو صح أنها كانت تلحق بها بعد أن لم تكن منها ـ فإنما تلحق بما نزل سابقا عليها ، وكان ذلك في الأكثر في السور الطوال ، التي كانت تنزل أجزاء متتابعة دون سائر السور التي كانت تنزل دفعة واحدة.
فلا بد إذا من أن نقول : إن النهي عن الاستغفار إنما حصل بعد نزول سورة التوبة ، فكيف بقي «صلى الله عليه وآله» يستغفر لأبي طالب «عليه السلام» طيلة هذه المدة ، ويترحم عليه؟!
ثانيا : إن الاستغفار للمشرك ، والترحم عليه من أظهر مصاديق المودة للكافر ، وقد نهى الله عن مودتهم في آيات كثيرة ، نزلت قبل سورة التوبة ، كما في قوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ
__________________
(١) الغدير ج ٨ ص ١٠ وأبو طالب مؤمن قريش ص ٣٤١ عن : البخاري ، والكشاف ، والبيضاوي ، وتفسير ابن كثير والإتقان ، وابن أبي شيبة والنسائي وابن الضرير ، وابن المنذر ، والنحاس ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه.