الناس كلهم على قاعدة : أن لا يجعل لكافر ولا لمشرك نعمة عنده.
ثالثا : إن آية : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) يقال : إنها نزلت يوم أحد ، حينما كسرت رباعيته ، وشج وجهه «صلى الله عليه وآله» ، فقال : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ، فأنزل الله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) الخ .. (١).
وقيل : إنها نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل ، الذي كان الرسول «صلى الله عليه وآله» يرغب في إسلامه ، بل لقد ادعي الإجماع على ذلك (٢).
رابعا : إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» يحب إيمان أبي طالب «عليه السلام» ، فالله يحب ذلك أيضا ، لأن الرسول لا يحب إلا ما أحب الله.
وقولهم : كان «صلى الله عليه وآله» يكره إيمان وحشي ، ثم آمن ، لا يصح ، لأنهما لو لم يتوافقا فإنه يدخل في دائرة التضاد بين الرسول وبين مرسله ، لأن الرسول «صلى الله عليه وآله» يكره إيمان شخص ومرسله يحب إيمان ذلك الشخص نفسه .. وإذا توافقا ، بأن كان الله ورسوله يكرهان إيمان ذلك الشخص ، فإن السؤال هو : كيف يمكن أن يكره الله ورسوله إيمان أحد؟! (٣).
خامسا : إن قوله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) لا يمنع من إيمان
__________________
(١) راجع التراتيب الإدارية ج ١ ص ١٩٨ عن الإستيعاب ، وأبو طالب مؤمن قريش ص ٣٦٨ عن أعيان الشيعة ج ٣٩ ص ٢٥٩ والحجة ص ٣٩.
(٢) أبو طالب مؤمن قريش ص ٣٦٩ وشيخ الأبطح ص ٨٢ عن أسباب النزول لابن رشادة الواعظي الواسطي ، وراجع : البحار ج ٣٥ ص ١٥١ وفيه : الحارث بن نعمان بن عبد مناف.
(٣) راجع هامش أنساب الأشراف ج ٢ ص ٢٨ عن الدكتور زرزور في مقدمته على تفسير الحاكم الجشمي.