ويقولون : إنه «صلى الله عليه وآله» التجأ إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة ، وجلس في أحد جوانبه ، فتحركت عاطفة ابني ربيعة ، وهما يريان ما به من الجهد ، فأرسلا إليه غلامهما عداسا ـ وهو نصراني من أهل نينوى ـ بعنب ، فوضعه بين يديه ، فمد إليه يده ، وقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، فتعجب عداس من أن يكون بهذا البلد أحد يذكر الله ، وجرت بينهما مكالمة انتهت بإسلام عداس.
فقال أحدهما للآخر : أما غلامك فقد أفسده عليك.
ثم انصرف «صلى الله عليه وآله» راجعا إلى مكة ، فاستعد أعداؤه للقائه بأنواع من الأذى لم يعرفها من قبل.
ولكنه «صلى الله عليه وآله» كان مصمما على مواجهة كل الاحتمالات ؛ حيث قال لرفيقه علي «عليه السلام» ، أو زيد : إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا ، وإن الله ناصر دينه ، ومظهر نبيه.
فطلب من الأخنس بن شريق أن يجيره ليتمكن من دخول مكة ، فرفض على اعتبار أنه حليف ، والحليف لا يجير على الصميم (١).
ثم طلب من سهيل بن عمرو أن يجيره ، فرفض أيضا ، لأنه من بني عامر فلا يجير على بني كعب ، فدخل مكة بجوار المطعم بن عدي ، الذي تجهز ومن معه بالسلاح لحمايته ؛ فأمضت قريش جواره.
ويقول البعض : إنه رد عليه جواره من أول يوم وصوله ، وقال
__________________
(١) قد تقدمت مصادر ذلك حين الكلام على هجرة أبي بكر ، ثم دخوله مكة بجوار ابن الدغنة.