والذي نريد أن نقرره هنا : هو أن رؤية النبي «صلىاللهعليهوآله» لأهل مؤتة ، ورفع كل خفيض ، وخفض كل رفيع من الأرض له ليس بالأمر الخارج عن سياق الحركة الطبيعية بالنسبة إليه «صلىاللهعليهوآله» .. بل هو جار وفق ما رسمه الله تعالى لنبيه «صلىاللهعليهوآله» من وظائف ، وقرره من مهمات ، وهيأ له كافة القدرات والوسائل التي تمنحه القدره على إنجازها .. فإن مقام الشاهدية على الأمة وعلى الأنبياء السابقين «عليهمالسلام» الذي نطق به القرآن وهو من شؤون النبوة الخاتمة يقضي بتحقق هذا الشهود النبوي المباشر لما جرى في مؤتة ..
فأما شاهديته على هذه الأمة فقد أشير إليه في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ، وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) (١).
وقال سبحانه : إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (٢).
وعن شاهديته «صلىاللهعليهوآله» على الأنبياء «عليهمالسلام» قال تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (٣).
وقال سبحانه : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) (٤).
وهذه الشاهدية تعني رؤية «صلىاللهعليهوآله» بأعمال العباد ، وبكل ما يقع في دائرة مسؤولياته ، على مستوى الحضور والشهود وقد يسرها الله
__________________
(١) الآية ٤٥ و ٤٦ من سورة الأحزاب.
(٢) الآية ٨ من سورة الفتح.
(٣) الآية ٤١ من سورة النساء.
(٤) الآية ٨٩ من سورة النحل.