زوال الشمس .. فركز على الأسباب التالية :
١ ـ إن هذا الوقت أقرب إلى الليل ، فإذا ذاق المقاتلون طعم القتال ، وعرفوا أنه ليس مجرد نزهة ، بل فيه آلام ومصائب ، وكوارث ونوائب ، ثم جنهم الليل ، فإنهم سوف يعيدون النظر في حساباتهم ، وسيقيّمون الأمور وفق أمور عينية ملموسة ، لم تعد مجرد تصورات غائمة ، تكتنفها الكثير من التخيلات التي تقلل من وضوحها ، وتهون من أمرها.
فالألم المتصور والمفترض لا يؤثر في قرار الإنسان بمقدار ما إذا أصبح ماثلا وحاضرا ، والمصاب الذي تسمع به أو تقرأ عنه ليس تأثير بمقدار المصاب الذي تراه وتعيشه ، وتعاني منه ما تعاني ..
فقد يدفعك خيال مّا ، أو يهيجك هائج حمية أو عصبية ، أو يدعوك داعي طمع ، أو جشع ، أو تزين لك أحلام وردية ، ترتكز إلى حسابات خاطئة أن تقتحم أتون الحرب .. فتبادر إلى ذلك .. فإذا مسّك شيء من بلاياها وزراياها ، يرجع إليك صوابك ، وتلتمس الخلاص ، ولات حين مناص .. ثم تطحنك رحى الحرب فيما تطحن ، وتحطم ما صلب منك ، وتلتهم ما رقّ ولان. وتجد نفسك غير قادر على استرجاع ما ذهب ، ولا استدراك ما يأتي ، وتفرض عليك تلك الحرب كل تبعاتها ، وتحملك ما أردته وما لم ترده من جرائمها وموبقاتها ، وتلقي عليك بكلاكلها وأثقالها ، وتبوء بكل مخزياتها ..
٢ ـ إن هذا الوقت القصير ، الذي هو بداية القتال ، يكون فيه رجال الحرب على درجة عالية من اليقظة ، والنشاط والحذر ، ويريد كل منهم أن يختبر قدرات العدو ، وأن يكتشف مكامن قوته ، ومواضع ضعفه.