فالإقدام فيه محدود ، والحذر فيه على أشده .. ولا تتوفر فيه دواع للاستقتال وطلب الموت ، إذ لم يستحر القتل فيه بالأحبة ، ولا وقع الأسر بعد على الأبناء والإخوة ، ولا السبي أو العدوان على رموز الشرف ، ومواضع الغيرة ..
فلا موجب إذن لثورة حماس الشجعان. ليلقوا بأنفسهم في المهالك ، طلبا للثار ، أو لأجل محو العار.
وإذا كانت الأمور لا تزال في حدودها المعقولة هذه ، فيمكن للعاقل أن يثوب إليه رشده في الليلة التي تعقب هذه البداية ، ويكون ـ في هذه الحال ـ مدركا بعمق حقيقة ما هو فيه ، ونتائج ما يقدم عليه ، فيوازن بين الحالين ، ويتخذ القرار الرشيد ، والموقف السديد ..
٣ ـ وإذا كان هناك من يلاحق مهزوما فسيمنعه حلول الليل من مواصلة سعيه.
٤ ـ ولا ضير في أن ينجو ذلك المهزوم ، فإن هزيمته النفسية ، تكفيه هو الآخر ليعيد حساباته ، ويستأنف حياته ، بنمط جديد ، وحزر شديد.
كما أن المطلوب المهم هو دفع شره ، والتخلص من أذاه .. وقد حصل ذلك فعلا .. وليس المطلوب هو قتله ، أو أسره ، إلا إذا كان دفع شره يحتاج إلى ذلك.
وهذا هو ما قاله علي «عليهالسلام» : «هو أقرب إلى الليل ، وأجدر أن يقل القتل ، ويرجع الطالب ، ويفلت المنهزم» (١).
__________________
(١) الوسائل ج ١١ ص ٤٦ وفي هامشه عن الكافي (الفروع) ج ١ ص ٣٣٥ وعن تهذيب