والذبح لغرض عقلائي ، لا يأباه الخلق الإنساني ، ولا يمنع منه الشرع الشريف.
٢ ـ زعموا : أنه يمكن توجيه مبادرته إلى عرقبة الفرس بأنه أراد أن يحرم العدو من الاستفادة منه (١).
ونقول :
إن ذلك غير دقيق ، فيما لو كان بإمكانه إيكال أمره إلى غيره من مقاتلي المسلمين ، ليستفيد منه في الحرب والنزال ، أو في غرض مشروع آخر ..
٣ ـ أما أسباب المبادرة إلى ذبح الفرس ، فيمكن أن نتلمسها فيما يلي :
ألف : إفهام العدو سرّ البطولة ، ورمزها ، وحقيقتها. وأنها إرادة وتصميم ، وإيمان وجهاد ، وتضحيات ، وأن يملك الإنسان نفسه ، وقرارها ، والقدرة على التصرف فيها ..
وليست الشجاعة هي مجرد امتلاك القدرة على التصرف في قدرات الجسد ، في دائرة هوى النفس ، وعلى خط تلبية متطلباتها.
بل الشجاعة هي امتلاك القدرة على التصرف في الجسد نفسه ، انسجاما مع مقتضيات الإيمان ، وتطبيقا للمبادئ ، وانسجاما مع القيم ، والمثل الإلهية العليا.
إنه يريد : أن يوجه للروم وللعرب الذين معهم إنذارا ، وأن يزرع الإعجاب والرعب في قلوبهم في آن واحد ، ثم أن يعطي المسلمين الذين
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٧٥ وعن عون المعبود ج ٧ ص ١٧٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥٧.