والإحتمال الأخير بعيد ، فإن رواية ابن اسحاق قد صرحت : بأنه حين قال ثابت بن أقرم للناس : إصطلحوا على رجل منكم.
قالوا : أنت. ولم يذكروا خالدا ولا غيره.
وهذا معناه : أنه لم تكن لخالد عندهم خصوصية تميزه عن غيره وترجحه على من عداه لقيادة الجيش.
٨ ـ على أن رواية ثابت بن أقرم تصرح : بأن خالدا هو الذي بادر إلى أخذ اللواء بنفسه ، ولم يأخذه له ابن أقرم ، وتصرح أيضا : بأنه أخذه وانهزم به ، فتبعه الناس ..
٩ ـ ثم إن رواية أبي عامر تدّعي : أن ثابتا هو الذي دعا الناس إليه ، فاستجابوا له ، واجتمعوا عنده ، فأعطى اللواء لخالد ..
مع أن أبا هريرة يقول : إن الناس إنما تراجعوا عن الهزيمة استجابة لكلام قطبة بن عامر. وإن كانت رواية ابن كعب بن مالك تذكر : أنهم لم يستجيبوا لقطبة أيضا بل اتبعوا صاحب الراية في هزيمته. وصاحب الراية هو خالد نفسه .. وقديما قيل : لا حافظة لكذوب.
وأغرب من ذلك ، ما زعمه أبو هريرة أيضا : من أن خالدا جعل يصيح بالناس حين انهزموا ، ويدعوهم في أخراهم ، فلم يستجيبوا له ، فلما دعاهم قطبة استجابوا ، مع أن رواية الرجل المرّي تقول : إن خالدا كان أول من انهزم ، ثم تبعه الناس. ومع أن السؤال المحير يبقى ماثلا أمامنا عن السبب في استجابة الناس لقطبة بن عامر ، وعدم استجابتهم لخالد!!
ألا يجعلنا هذا التهافت نظن : أن المهم عند أبي هريرة هو حفظ ماء وجه خالد ، والتصريح بأنه لم ينهزم ، بل المنهزم هم الآخرون؟!.