(نعم (١)
______________________________________________________
(١) أصل المسألة هو : إذا أتت بالفاحشة جاز عضلها لتفدي نفسها ، لقوله تعالى : (وَلٰا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مٰا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (١).
وقضية الاستثناء جواز الفصل مع إتيانهن بالفاحشة ، هذا وأصل العضل هنا مضاره الزوجة والتضييق عليها بسوء العشرة لتضطر إلى الافتداء منه بمالها ، لأن العضل لغة هو التضييق والمنع.
واختلف في معنى الفاحشة فقيل هي الزنا كما عن الحسن وأبي قلابة والسدي ، وقيل : هي المعصية كما في التبيان ومجمع البيان وأحكام القرآن للرواندي ، وقد اختاره الطبري ونسب إلى أنه المروي عن أبي جعفر عليهالسلام كما في مجمع البيان وقيل كما في المسالك : كل ما يوجب الحد مطلقا ، ولم يعرف قائله ، وقيل : هي النشوز ونسب إلى ابن عباس على ما في مجمع البيان ، ومن هذه الأقوال تعرف ضعف ما في المسالك حيث قال : (فقيل هو الزنا ، وقيل ما يوجب الحد مطلقا ، وقيل كل معصية ، وكون الحكم على خلاف الأصل ينبغي معه الاقتصار على محل الوفاق ، وهو الأول ، لأنه ثابت على جميع الأقوال) انتهى.
ووجه الضعف أن الزنا غير ثابت على القول الرابع المنسوب لابن عباس من أنها النشوز.
وأيضا وقع الخلاف بينهم في أن الآية منسوخة أو لا ، فقيل : إنها منسوخة بآية الحد وهي قوله تعالى : (الزّٰانِيَةُ وَالزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ) (٢) فقد كان للرجل قبل نزول آية الحد أن يعضل الزانية لتفدي نفسها فلما نزلت آية الحد حرم أخذ المال بالإكراه.
وهذا القول ليس لواحد منا ، بل هو لبعض العامة كما اعترف به في المسالك وكشف اللثام حيث قال الشارح في المسالك : (واعلم أن القول الذي حكاه المصنف من كون الآية منسوخة تبع فيه الشيخ في المبسوط ، وهو قول بعض العامة ، وأما أصحابنا فلا يعرف ذلك لهم ، ولم ينقله أحد من الأصحاب عنهم ، ولكن الشيخ يحكي في المبسوط أقوالهم ويختار منها ما يرجّح عنده ، وقد نقل القول بكونها منسوخة بقوله وقيل ، وهو ضعيف المستند) انتهى ، وضعف أنها منسوخة لعدم التنافي بينها وبين آية الحد ، لجواز عضلها لتفدي نفسها مع إقامة الحد عليها ، على أن الأصل عدم النسخ عند الشك فيه.
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ١٩.
(٢) سورة النور ، الآية : ٢.